لأنها تذهب بالمقصود من الإنسان، فتهدم - جميع أمره ﴿بالطيب﴾ أي الذي هو كل أمر يحمل على معالي الأخلاق الصائنة للعرض، المعلية لقدر الإنسان؛ ثم بعد هذا النهي العام نوّه بالنهي عن نوع منه خاص، فقال معبراً بالأكل الذي كانت العرب تذم بالإكثار منه ولو أنه حلال طيب، فكيف إذا كان حراماً ومن مال ضعيف مع الغنى عنه: ﴿ولا تأكلوا أموالهم﴾ أي تنتفعوا بها أيّ انتفاع كان، مجموعة ﴿إلى أموالكم﴾ شرهاً وحرصاً وحباً في الزيادة من الدنيا التي علمتم شؤمها وما أثرت من الخذلان في آل عمران، وعبر بإلى إشارة إلى تضمين الأكل معنى الضم تنبيهاً على أنها متى ضمت إلى مال الولي أكل منها فوقع في النهي، فحض بذلك على تركها محفوظة على حيالها؛ ثم علل ذلك بقوله: ﴿إنه﴾ أي الأول ﴿كان حوباً﴾ أي إثماً وهلاكاً ﴿كبيراً *﴾.
ولما كان تعالى قد أجرى سنة الإلهية في أنه لا بد في التناسل من توسط النكاح إلا ما كان من آدم وحواء وعيسى عليهم الصلاة والسلام، وكانوا قد أمروا بالعدل في أموال اليتامى، وكانوا يلون أمور يتاماهم، وكانوا ربما نكحوا من في حجورهم منهن، فكان ربما أوقفهم هذا التحذير من أموالهم عن النكاح خوفاً من التقصير في