له أصلاً، فلا بد من وقوع أحد الأمرين إن لم يؤمنوا، وقد آمن بعضهم فلم يصح أنهم لم يؤمنوا، لأنه قد وقع منهم إيمان.
ولما كانوا مع ارتكابهم العظائم يقولون: سيغفر لنا، وكان امتثالهم لتحريف أحبارهم ورهبانهم شركاً بالله - كما قال سبحانه وتعالى ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله﴾ [التوبة: ٣١] قال - معللاً لتحقيق وعيدهم، معلماً أن ما أشير إليه من تحريفهم أداهم إلى الشرك -: ﴿إن الله﴾ أي الجامع لصفات العظمة ﴿لا يغفر أن يشرك به﴾ أي على سبيل التجديد المستمر إلى الموت سواء كان المشرك من أهل الكتاب أم لا، وزاد ذلك حسناً انه في سياق ﴿واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً﴾ [النساء: ٣٦].
ولما أخبر بعدله أخبر بفضله فقال: ﴿ويغفر ما دون ذلك﴾ الأمر الكبير العظيم من كل معصيته سواء كانت صغيرة أو كبيرة، سواء تاب فاعلها أو لا، ورهب بقوله - إعلاماً بأنه مختار، لا يجب عليه شيء -: ﴿لمن يشاء﴾.
ولما كان التقدير: فإن من أشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً، عطف عليه قوله: ﴿ومن يشرك﴾ أي يوجد منه شرك في الحال أو المآل، وأما الماضي فجبته التوبة ﴿بالله﴾ أي الذي كل شيء