من وقاحتهم واجترائهم على من يعلم كذبهم، ويقدر على معالجتهم بالعذاب، مبيناً أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحضرة بعد بيان بعدهم -: ﴿انظر كيف يفترون﴾ أي يتعمدون ﴿على الله﴾ أي الذي لا يخفي عليه شيء ولا يعجزه شيء ﴿الكذب﴾ أي من غير خوف منهم لذلك عاقبة ﴿وكفى﴾ أي والحال أنه كفي ﴿به﴾ أي بهذا الكذب ﴿إثماً مبيناً *﴾ أي واضحاً في نفسه ومنادياً عليها بالبطلان.
ولما عجب من كذبهم دلَّ عليه بقوله: ﴿ألم تر﴾ وكان الأصل: إليهم، ولكنه قال - لزيادة التقريع والتوبيخ والإعلام بأن كفرهم عناد لكونه عن علم -: ﴿إلى الذين﴾ وعبر بإلى دلالة على بعدهم عن الحضرات الشريفة ﴿أوتوا نصيباً من الكتاب﴾ أي الذي هو الكتاب في الحقيقة لكونه من الله ﴿يؤمنون بالجبت﴾ وهو الصنم والكاهن والساحر والذي لا خير فيه وكل ما عبد من دون الله ﴿والطاغوت﴾ وهو اللات والعزى والكاهن والشيطان وكل رأس ضلال والأصنام وكل ما عبد من دون الله؛ وكل هذه المعاني تصح إرادتها هنا، وهي مما نهي عنه في كتابهم - وأصله ومداره مجاوزة الحد عدواناً، وهو واحد وقد يكون جمعاً، قال سبحانه وتعالى
﴿أوليائهم الطاغوت يخرجونهم﴾ [البقرة: ٢٥٧] والحال أن أقل نصيب من الكتاب كافٍ في النهي عن ذلك وتكفير فاعله.