الميل الذي يقاس به الجراح - انتهى. فالآية من الاحتباك: حذف منها أولاً الإتيان وأثبت عدمه ثانياً للدلالة عليه، وحذف منها ثانياً الصدق ودل عليه بإثبات ضده - الكذب - في الأولى.
ولما كان كأنه قيل: ما غرضهم بإثبات الكذب وتحريف الصدق؟ قال: ﴿يقولون﴾ أي لمن يوافقهم ﴿إن أوتيتم﴾ أي من أيّ مؤت كان ﴿هذا﴾ أي المكذوب والمحرف ﴿فخذوه﴾ أي اعملوا به ﴿وإن لم تؤتوه﴾ أي بأن أوتيتم غيره أو سكت عنكم ﴿فاحذروا﴾ أي بأن تؤتوا غيره فتقبلوه.
ولما كان التقدير: فأولئك الذين أراد الله فتنتهم، عطف عليه قوله: ﴿ومن يرد الله﴾ أي الذي له الأمر كله ﴿فتنته﴾ أي أن يحل به ما يميله عن وجه سعادته بالكفر حقيقة أو مجازاً ﴿فلن تملك له من الله﴾ أي الملك الأعلى الذي لا كفوء له ﴿شيئاً﴾ أي من الإسعاد، وإذا لم تملك ذلك أنت وأنت أقرب الخلق إلى الله فمن يمكله.
ولما كان هذا، أنتج لا محالة قوله: ﴿أولئك﴾ أي البعداء من الهدى ﴿الذين لم يرد الله﴾ أي وهو الذي لا راد لما يريده، ولا فاعل لما يرده، فهذه أشد الآيات على المعتزلة ﴿أن يطهر قلوبهم﴾ أي بالإيمان، والجملة كالعلة لقوله ﴿فلن تملك له من الله شيئاً﴾، ولما ثبت


الصفحة التالية
Icon