آمن، فهذه الآية تعليل لما قبلها، كأنه قيل: هب أنهم لا يؤمنون بالله والنبي، وذلك لا يقتضي موادة المشركين فلِمَ والوهم حينئذ؟ فقيل: لأن الفريقين اجتمعوا في أشدية العداوة للذين آمنوا.
ولما أخبر تعالى بأبعد الناس مودة لهم، أخبر بضدهم فقال: ﴿ولتجدن أقربهم﴾ أي الناس ﴿مودة للذين آمنوا﴾ أي أوجدوا الإيمان بالقلب واللسان ﴿الذين قالوا﴾ وفي التوريك على قولهم إشارة إلى أنهم ما كانوا على حقيقة النصرانية ﴿إنا نصارى﴾ أي لقلة اهتمامهم بالدنيا بمجرد قولهم ذلك ولو لم يكونوا عريقين في الدين وإقبالهم على علم الباطن، ولذلك علله بقوله: ﴿ذلك بأن منهم قسيسين﴾ أي مقبلين على العلم، من القس، وهو ملامة الشيء وتتبعه ﴿ورهباناً﴾ أي في غاية التخلي من الدنيا؛ ولما كان التخلي منها موجباً للبعد من الحسد، وهو سبب لمجانبة التكبر قال: ﴿وأنهم لا يستكبرون *﴾ أي لا يطلبون الرفعة على غيرهم ولا يوجدونها.
ولما كان ذلك علة في الظاهر ومعلولاً في الباطن لرقة القلب قال:


الصفحة التالية
Icon