لم ينتهوا بل ﴿قالوا﴾ إنا لا نريدها لأجل إزالة شك عندنا بل ﴿نريد﴾ مجموع أمور: ﴿أن نأكل منها﴾ فإنا جياع؛ ولما كان التقدير: فتحصل لنا بركتها، عطف عليه: ﴿وتطمئن قلوبنا﴾ أي بضم ما رأينا منها إلى ما سبق من معجزاتك من غير سؤالنا فيه ﴿ونعلم﴾ أي بعين اليقين وحقه أن قد صدقتنا} أي في كل ما أخبرتنا به ﴿ونكون عليها﴾ وأشاروا إلى عمومها بالتبعيض فقالوا: ﴿من الشاهدين *﴾ أي شهادة رؤية مستعلية عليها بأنها وقعت، لا شهادة إيمان بأنها جائزة الوقوع ﴿قال عيسى﴾ ونسبه زيادة في التصريح به تحقيقاً ولأنه لا أب له وتسفيهاً لمن أطراه أو وضع من قدره فقال: ﴿ابن مريم اللهم﴾ فافتتح دعاءه بالاسم الأعظم ثم بوصف الإحسان فقال: ﴿ربنا﴾ أي أيها المحسن إلينا ﴿أنزل علينا﴾ وقدم المقصود فقال: ﴿مائدة﴾ وحقق موضع الإنزال بقوله: ﴿من السماء﴾ ثم وصفها بما تكون به بالغة العجب عالية الرتب فقال: ﴿تكون﴾ أي هي أو يوم نزولها ﴿لنا عيداً﴾ وأصل العيد كل يوم فيه جمع، ثم قيد بالسرور فالمعنى: نعود إليها مرة بعد مرة سروراً بها، ولعل منها ما يأتي من البركات حين ترد له عليه السلام - كما في الأحاديث الصادقة، ويؤيد ذلك قوله مبدلاً من «لنا» :﴿لأولنا وآخرنا﴾.