أمر الله لا سيما إن كان بمشافهة الرسول: ﴿إنا هاهنا﴾ أي خاصة ﴿قاعدون﴾ أي لا نذهب معكما، فكان فعلهم فعل من يريد السعادة بمجرد ادعاء الإيمان من غير تصديق له بامتحان بفعل ما يدل على الإيقان؛ روى البخاري في المغازي والتفسير عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «قال المقداد بن عمرو يوم بدر: يا رسول الله! لا نقول كما قال قوم موسى: ﴿اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون﴾ ولكن امض ونحن معك، نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك، فرأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشرق وجهه وسرَّه» فكأنه قيل: فما قال موسى عليه السلام؟ فقيل: ﴿قال﴾ لما أيس منهم معرضاً عنهم شاكياً إلى الله تعالى ﴿رب﴾ أي أيها المحسن إليّ.
ولما كان من حق الرسول أن يقيه كل أحد بنفسه وولده فكيف بما دون ذلك، فكان لا يصدق أحد أن أتباعه لا يطيعونه، جرى على طبع البشر وإن كان يخاطب علام الغيوب قال مؤكداً: ﴿إني﴾ ولما فهم من أمر الرجلين لهم بالدخول أنهما قيّدا دخولهما بدخول الجماعة، خص في قوله: ﴿لا أملك إلا نفسي وأخي﴾ أي ونحن مطيعان لما تأمر به ﴿فافرق بيننا﴾ أي أنا وأخي ﴿وبين القوم الفاسقين *﴾ أي الخارجين


الصفحة التالية
Icon