قوله دفعاً لوهم من يظن أن الأمر انقضى بما عذبوا به في الدنيا: ﴿فلنسئلن﴾ أي بما لنا من العظمة على جهة التوبيخ والتقريع للعصاة والتشريف والتعظيم للمطيعين، وأظهر موضع الإضمار تعميماً فقال: ﴿الذين﴾.
ولما كانت الملامة على تكذيب الرسول لا بقيد كونه معيناً بنى للمفعول قوله: ﴿أرسل إليهم﴾ أي وهم الأمم، هل امتثلوا أوامرنا وأحجموا عند زواجرنا كما أمرتهم الرسل أم لا ﴿ولنسئلن﴾ أي بعظمتنا ﴿المرسلين*﴾ أي هل كان في صدورهم حرج مما أرسلناهم به وهل بلغوه أم لا يوم تكونون شهداء على الناس بما علمتم من شهادتي في هذا القرآن ويكون الرسول عليكم شهيداً فإنا لا بد أن نحييكم بعد الموت ثم نسألكم في يوم تظهر فيه السرائر وتنكشف - وإن اشتد خفاؤها - الضمائر، ولنرين الأفعال والأقوال، ولا نترك شيئاً من الأحوال.
ولما كان السؤال يفهم خفاء المسؤول عنه على السائل، سبب عن ذلك ما يزيل هذا الوهم بقوله مؤذناً بأنه أعلم من المسؤولين عما سألهم عن: ﴿فلنقصن﴾ أي بما لنا من صفات العظمة المستلزمة لكل كمال ﴿عليهم﴾ أي المسؤولين من الرسل وأممهم، جميع أحوالهم وما يستحقون من جزائها ﴿بعلم﴾ أي مقطوع به لا مظنون، فقد كنا معهم في جميع تقلباتهم ﴿وما كنا﴾ أي في وقت من الأوقات كما هو مقتضى ما لنا من العظمة ﴿غائبين*﴾ أي مطلقاً ولا عن أحد من الخلق


الصفحة التالية
Icon