بل علمنا شامل لجميع الكليات والجزئيات لأن ذلك مقتضى العظمة ما لنا من صفات الكمال، ومن لم يكن محيط العلم بأن يميز المطيع من العاصي لا يصح أن يكون إلهاً.
ولما تقدمت الإشارة بقوله تعالى ﴿وأوفوا الكيل والميزان بالقسط﴾ [الأنعام: ١٥٢] الآية إلى المساواة الحقيقية في الميزان معجوز عنها وأنه أبعد المقادير عن التساوي، والنص في قوله تعالى ﴿ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها﴾ [الأنعام: ١٦٠] على قدرة القدير على ذلك، وختم الآية السالفة بإحاطة العلم على الوجه الأبلغ المقتضي لذلك على أعلى الوجوه، أكد الأمر أيضاً وقصره على علمه هنا فقال: ﴿والوزن﴾ بميزان حقيقي لصحف الأعمال أو للاعمال أنفسها بعد تصويرها بما تستحقه من الصور أو بغير ذلك بعد أن يقذف الله في القلوب العلم به، ولعله حال من نون العظمة في الاية التي قبلها، أي إنا لا نكتفي بما نقص بل نزنه فيصير بحيث يظهر لكل أحد أنه على غاية ما يكون من التساوي؛ قال أبو حيان وعلي بن الحسين النحوي الأصفهاني في إعرابه: «الوزن» مبتدأ ﴿يومئذ﴾ ظرف منصوب به ﴿الحق﴾ خبر المبتدأ، زاد الأصفهاني فقال: واستضعف إعمال المصدر وفيه لام التعريف وقد ذكرنا أنه جاء في التنزيل ﴿لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم﴾ [النساء: ١٤٨]- انتهى. أي والوزن في ذلك اليوم مقصور على الحق، يطابقه الواقع