من جملة الصورة، وبهذا تلتئم هذه الاية مع قوله تعالى ﴿إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين﴾ [ص: ٧١] فهذا خلق بالفعل، والذي في هذه السورة بإيداعه القوة المقربة منه، والمراد من الآية التذكير بالنعم استعطافاً إلى المؤالفة وتفظيعاً بحال المخالفة، أي خسروا أنفسهم والحال أنا أنعمنا عليهم بنعمة التمكين بعد أن أنشأناهم على الصورة المذكورة بعد أن كانوا عدماً وأسجدنا ملائكتنا لأبيهم وطردنا من تكبر عليه طرداً لا طرد مثله، وأبعدناه عن محل قدسنا بعداً لا قرب معه، وأسكنا أباهم الجنة دار رحمتنا وقربنا، فقال تعال مترجماً عن ذلك: ﴿ثم قلنا﴾ أي على ما لنا من الاختصاص بالعظمة ﴿للملائكة﴾ أي الموجودين في ذلك الوقت من أهل السماوات والأرض كلهم، بما دلت عليه «ال» سواء قلنا: إنها للاستغراق أو الجنس ﴿اسجدوا لآدم﴾ أي بعد كونه رجلاً قائماً سوياً ذا روح كما هو معروف من التسمية؛ ثم سبب عن هذا الأمر قوله: ﴿فسجدوا﴾ أي كلهم بما دل عليه الاستثناء في قوله: ﴿إلا إبليس﴾ ولما كان معنى ذلك لإخراجه ممن سجد أنه لم يسجد، صرح به فقال: ﴿لم يكن من الساجدين*﴾ أي لآدم.
ولما كان مخالف الملك في محل العقاب، تشوف السامع إلى خبره فأجيب بقوله: ﴿قال﴾ أي لإبليس إنكاراً عليه توبيخاً له استخراجاً لكفره الذي كان يخفيه بما يبدي من جوابه ليعلم الخلق سبب طرده