﴿ولا تقربا﴾ أي فضلاً عن أن تتناولا ﴿هذه الشجرة﴾ مشيراً إلى شجرة بعينها أو نوعها؛ ثم سبب عن القربان العصيان، فإن من حام حول الحمى أوشك أن يواقعه فقال: ﴿فتكونا﴾ أي بسبب قربها ﴿من الظالمين*﴾ أي بالأكل منها الذي هو مقصود النهي فتكونا بذلك فاعلين فعل من يمشي في الظلام؛ ثم سبب عن ذلك بيان حال الحاسد مع المحسودين فيما سأل الإنظار بسببه، وأنه وقع على كثير من مراده واستغوى منه أمماً تجاوزوا الحد وقصر عنهم مدى العد؛ ثم بين أنه أقل من أن يكون له فعل، وأن الكل بيده سبحانه، هو الذي جعله آلة لمراده منه ومنهم، وأن من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون، فقال: ﴿فوسوس﴾ أي القى في خفاء وتزيين وتكرير واشتهاء ﴿لهما الشيطان﴾ أي بما مكنه الله منه من أنه يجري من الإنسان مجرى الدم ويلقى له في خفاء ما يميل به قلبه إلى ما يريد؛ ثم بين علة الوسوسة بقوله: ﴿ليبدي﴾ أي يظهر ﴿لهما ما روي﴾ أي ستر وغطي بأن جعل كأنه وراءهما لا يلتفتان إليه ﴿عنهما﴾ والبناء للمفعول إشارة إلى أن الستر بشيء لا كلفة عليهما فيه كما يأتي في قوله
﴿ينزع عنهما لباسهما﴾ [الأعراف: ٢٧] و ﴿من سوءاتهما﴾ أي المواضع التي يسوءهما انكشافها، وفي ذلك أن إظهار السوءة موجب للعبد من الجنة وأن بينهما منفية الجمع وكمال التباين.
ولما أخبر بالوسوسة وطوى مضمونها مفهماً أنه أمر كبير وخداع