بغضبي فطرد وأبعد عن رحمتي ﴿لكما﴾ أي لك ولزوجك ولكل من تفرغ منكما ونسب إليكما ﴿عدو مبين*﴾ ظاهر العداوة يأتيكم من كل موضع يمكنه الإتيان منه مجاهرة ومساترة ومماكرة فهو مع ظهور عداوته دقيق المكر بما أقدرته عليه من إقامة الأسباب، فإني أعطيته قوة على الكيد، وأعطيتكم قوة على الكيد وأعطيتكم قوة على الخلاص وقلت لكم: تغالبوا فإن غلبتموه فأنتم من حزبي، وإن غلبكم فأنتم من حزبه مع ما له إليكم من العداوة، فالآيه منبهة على أن من غوى فإنما هو تابع لأعدى أعدائه تارك لأولى أوليائه.
ولما كان هذا، تشوف السامع إلى جوابهما، فأجيب بقوله: ﴿قالا﴾ أي آدم وحواء - عليهما السلام وأزكى التحية والإكرام - قول الخواص بإسراعهما في التوبة ﴿ربنا﴾ أي أيها المحسن إلينا والمنعم علينا ﴿ظلمنا أنفسنا﴾ أي ضررناها بأن أخرجناها من نور الطاعة إلى ظلام المعصية، فإن لم ترجع بنا وتتب علينا لنستمر عاصيين ﴿وإن لم تغفر لنا﴾ أي تمحو ما عملناه عيناً واثراً ﴿وترحمنا﴾ فتعلي درجاتنا ﴿لنكونن من الخاسرين*﴾ فأعربت الآية عن أنهما فزعا إلى الانتصاب بالاعتراف، وسيما ذنبهما - وإن كان إنما هو خلاف


الصفحة التالية
Icon