وتارة برد ما شرعوه قولاً وفعلاً، وأخبر أن المكذبين أهل النار، علل ذلك بقوله: ﴿فمن أظلم﴾ أي أشنع ظلماً ﴿ممن افترى﴾ أي تعمد ﴿على الله﴾ أي الملك الأعلى ﴿كذباً﴾ أي كمن شرع في المطاعم والملابس غير ما شرع، أو ادعى أنه يوحي إليه فحكم بوجود ما لم يوجد ﴿أو كذب بآياته﴾ أي برد ما أخبر به الرسل فحكم بإنكار ما وجد.
ولما كان الجواب: لا أحد أظلم من هذا، بل هو أظلم الناس، وكان مما علم أن الظالم مستحق للعقوبة فكيف بالأظلم قال: ﴿أولئك﴾ أي البعداء من الحضرات الربانية ﴿ينالهم نصيبهم من الكتاب﴾ أي الذي كتب حين نفخ الروح أو من الآجال التي ضربها سبحانه لهم والأرزاق التي قسمها، تأكيداً لرد اعتراض من قال: إن كنا خالفنا فما له لا يهلكنا؟ ثم غَيَّي نيل النصيب بقوله: ﴿حتى إذا جاءتهم رسلنا﴾ أي الذين قسمنا لهم من عظمتنا ما شئنا حال كونهم ﴿يتوفونهم﴾ أي يقبضون أرواحهم كاملة من جميع أبدانهم ﴿قالوا أين ما كنتم﴾ عناداً كمن هو في جبلته ﴿تدعون﴾ أي دعاء عبادة ﴿من دون الله﴾ أي تزعمون أنهم واسطة لكم عند الملك الأعظم وتدعونهم حال كونكم معرضين عن الله، ادعوهم الآن ليمنعوكم من عذاب الهوان الذي نذيقكم ﴿قالوا ضلوا﴾ أي غابوا ﴿عنا﴾ فلا ناصر لنا.


الصفحة التالية
Icon