لما أقسموا عليه، قالوا: ﴿ادخلوا﴾ أي قال الله لهم أو قائل من قبله ادخلوا ﴿الجنة لا خوف عليكم﴾ أي من شيء يمكن توقع أذاه ﴿ولا أنتم تحزنون*﴾ أي يتجدد لكم حزن في وقت من الأوقات على شيء فات لما عندكم من الخيرات التي لا تدخل تحت الوصف.
ولما تقدم نداء أصحاب الجنة عندما حصل لهم السرور بدخولها لأصحاب النار بما يؤلم وينكي، وختم بهذه الرحمة التي تطمع المحروم فيما يسر ويزكي، أخبر أن أصحاب النار ينادون أصحاب الجنة عندما حصل لهم من الغم بدخولها، لكن بما شأنه أن يرقق ويبكي، فقال ما يدل على أن عندهم كل ما نفي عن أهل الجنة في ختام الأية السالفة من الخوف والحزن: ﴿ونادى أصحاب النار﴾ أي بعد الاستقرار ﴿أصحاب الجنة﴾ بعد أن عرفهم إياهم وأمر الجنة فتزخزفت فكان ذلك زيادة في عذابهم؛ ثم فسر المنادى به فقال ﴿أن أفيضوا علينا من الماء﴾ أي لأنكم أعلى منا، فإذا أفضتموه وصل إلينا، وهذا من فرط ما هم فيه من البلاء، فإن بين النار والجنة أهوية لا قرار لها ولا يمكن وصول شيء من الدارين إلى الأخرى معها.
ولما كانت الإفاضة تتضمن الإنزال قالوا: ﴿أو﴾ أي أو أنزلوا علينا ﴿مما رزقكم الله﴾ أي الذي له الغنى المطلق، من أيّ شيء هان عليكم إنزاله ﴿قالوا﴾ أي أصحاب الجنة ﴿إن الله﴾ أي الذي حاز


الصفحة التالية
Icon