ولما انتهى كلامه عليه السلام على هذا الوجه البديع، أخبر سبحانه بما أفهم أن قومه لم يجدوا جواباً عنه أصلاً لأنهم انتقلوا إلى الدفاع بالفعل، وهو أمارة الانقطاع، فقال مستأنفاً: ﴿قال الملأ﴾ أي الأشراف ﴿الذين استكبروا﴾ أي أوجدوا الكبر إيجاد من هو طالب له بغاية الرغبة، وخصهم ليحصل تمام التسلية بقوله: ﴿من قومه لنخرجنك﴾ وبين غلظتهم وحفاءهم بقولهم: ﴿يا شعيب﴾ من غير استعطاف ولا إجلال ﴿والذين آمنوا﴾ ويجوز أن يتعلق قوله: ﴿معك﴾ ب «آمنوا» وب «نخرج» ﴿من قريتنا﴾ أي من المكان الجامع لنا لمفارقتكم إيانا ﴿أو لتعودن﴾ أي إلا أن تعودوا، أي ليكونن آخر الأمرين: إما الإخراج وإما العود ﴿في ملتنا﴾ أي بالسكوت عنا كما كنتم، ولم يريدوا منه العود إلى الكفر لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان محفوظاً قبل النبوة كإخوانه من الأنبياء عليهم السلام، بل كانوا يعدون سكوته عليه السلام - قبل إرساله إليهم من دعائهم وسب آلهتهم وعيب دينهم - كوناً في ملتهم، ومرادهم الآن رجوعه عليه السلام إلى تلك الحالة


الصفحة التالية
Icon