دالاًّ على أنهم سألوا عن مصرفها وحكمها - ليطابق الجواب السؤال: ﴿قل﴾ أي لهم في جواب سؤالهم ﴿الأنفال لله﴾ أي الذي ليس النصر إلا من عنده لما له من صفات الكمال ﴿والرسول﴾ أي الذي كان جازماً بأمر الله مسلماً لقضائه ماضياً فيما أرسله به غير متخوف من مخالطة الردى بمواقعة العدى؛ قال أبو حيان: ولا خلاف أن الآية نزلت في يوم بدر وغنائمه، وقال ابن زيد: لا نسخ، إنما أخبر أن الغنائم لله من حيث إنها ملكه ورزقه، وللرسول عليه السلام من حيث هو مبين لحكم الله والصادع فيها بأمره ليقع التسليم من الناس، وحكم القسمة نازل خلال ذلك - انتهى.
ولما أخبر سبحانه أنه لا شيء لهم فيها إلا عن أمر الله ورسوله، وكان ذلك موحباً لتوقفهم إلى بروز أمره سبحانه على لسانه رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت التقوى موجبة للوقوف خوفاً حتى يأتي الدليل الذي يجسّر على المشي وراءه، سبب عن ذلك قوله: ﴿فاتقوا الله﴾ أي خافوا خوفاً عظيماً في جميع أحوالكم من الذي لا عظمة لغيره ولا أمر لسواه، فلا تطلبوا شيئاً بغير أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا تتخاصموا، فإن الله تعالى الذي رحمكم بإرسال رسول لنجاتكم وإنزال كتاب لعصمتكم غير مهمل ما يصلحكم، فهو يعطيكم ما سبق في علمه الحكم بأنه


الصفحة التالية
Icon