إليه إدغام الباقين تخفيفاً حياة متجاوزة وناشئة ﴿عن﴾ حالة ﴿بينة﴾ أي كائنة بعد البيان في كون الكافرين على باطل والمؤمنين على حق لما سيأتي من أنهم كانوا يقولون ﴿غر هؤلاء دينهم﴾ [الأنفال: ٤٩] فحينئذ تبين المغرور وكشفت عجائب المقدور عن أعين القلوب المستور.
ولما كان التقدير: فإن الله في فعل ذلك لعزير حكيم، عطف عليه قوله: ﴿وإن الله لسميع﴾ أي لما كنتم تقولونه وغيره ﴿عليم*﴾ بما كنتم تضمرونه وغيره فاستكينوا لعظمته وارجعوا عن منازعتكم لخشيته، ثم أتم سبحانه تصوير حالتهم بقوله مبيناً ما أشار إليه من لطف تدبره: ﴿إذ﴾ أي اذكر إذ أردت علم ذلك حين ﴿يريكهم الله﴾ أي الذي له صفات الكمال فهو يفعل ما يشاء ﴿في منامك قليلاً﴾ تأكيداً لما تقدم إعلامه به من أن المصادمة - فضلاً عما نشأ عنها - ما كان إلا منه وأنهم كانوا كالآلة التي لا اختيار لها، وذلك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رآهم في منامه قليلاً فحدث أصحاب رضي الله عنهم بذلك فاطمأنت قلوبهم وشجعهم ذلك؛ وعين ما كان يحصل من الفساد لولا ذلك فقال: ﴿ولو أراكهم﴾ أي في منامك أو غيره ﴿كثيراً﴾.
ولما كان الإخبار بعد الوقعة بضد ما وقع فيها مما يقتضي طبع البشر التوقف فيه، أكد قوله: ﴿لفشلتم﴾ أي جبنتم ﴿ولتنازعتم﴾ أي اختلفتم فنزع كل واحد منزعاً خلاف منزع صاحبه ﴿في الأمر﴾ أي فوهنتم فزادكم ذلك ضعفاً وكراهة للقائهم ﴿ولكن الله﴾ أي الذي


الصفحة التالية
Icon