بنو إسرائيل زماناً أقله ليلة وبعض يوم كما حكاه الله عنهم
﴿إن هؤلاء لشرذمة قليلون﴾ [الشعراء: ٥٤] على أن البغوي قد نقل في تفسير قوله تعالى ﴿يرونهم مثليهم رأي العين﴾ [آل عمران: ١٣] أن جماعة من اليهود حضروا قتال بدر لينظروا على من تكون الدائرة. وإذا تأملت هذا مع قوله تعالى ﴿كدأب آل فرعون﴾ علمت أن جلَّ المقصود من هذه الآيات إلى قوله ﴿ذلك بأنهم قوم لا يفقهون﴾ اليهود، وفي تعبيره ب ﴿لا يفقهون﴾ تبكيت شديد لهم كما قال تعالى في آية الحشر ﴿لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون﴾ [الحشر: ١٣].
ولما عذبوهم قولاً وفعلاً، عللوا لهم ذلك بقولهم زيادة في تأسيفهم: ﴿ذلك﴾ أي هذا الفعل العظيم الذي يفعله بكم من العذاب الأليم ﴿بما قدمت أيديكم﴾ أي من الجراءة على الله ﴿وأن﴾ أي وبسبب أن له أن يفعل ذلك وإن لم تقدموا شيئاً فإن ﴿الله﴾ أي الذي له صفات الكمال ﴿ليس بظلام﴾ أي بذي ظلم ﴿للعبيد*﴾ فإن ملكه لهم تام. والمالك التام المُلك على ما يملكه المِلك الذي لا شيء يخرج عن دائرة ملكه، وهو الذي جبلكم هذه الجبلة الشريرة التي تأثرت عنها هذه الأفعال القبيحة، وهو لا يُسأل عما يفعل، من الذي يسأله! ويجوز أن يكون المعنى: وليس بذي ظلم لأنه لا يترك الظالم يبغي على المظلوم من


الصفحة التالية
Icon