الإيمان تمكناً صار به كأنه في حوزتهم: ﴿اشتروا﴾ أي لجوا في أهويتهم بعد قيام الدليل الذي لا يشكون فيه فأخذوا ﴿بآيات الله﴾ أي الذي لا شيء مثله في جلال ولا جمال على ما لها من العظم في أنفسها وبإضافتها إليه ﴿ثمناً قليلاً﴾ من أعراض الدنيا فرضوا بها مع مصاحبة الكفر، وذلك أن أبا سفيان أطعمهم أكلة فنقضوا بها عهودهم ﴿فصدوا﴾ أي فسبب لهم ذلك وأداهم إلى أن صدوا ﴿عن سبيله﴾ أي من يريد السير عليه ومنعوا من الدخول في الدين أنفسهم ومن قدروا على منعه.
ولما دل على ما أخبر به من فساد قلوبهم، استأنف بيان ما استحقوه من عظيم الذم بقوله معجباً منهم: ﴿إنهم ساء ما﴾ وبين عراقتهم في القبائح وأنها في جبلتهم بذكر الكون فقال: ﴿كانوا يعملون*﴾ أي يجددون عمله في كل وقت، وكأنه سبحانه يشير بهذا إلى ما فعلت عضل والقارة بعاصم بن ثابت وخبيب بن عدي، ذكر ابن إسحاق في السيرة عن عاصم بن عمر رضي الله عنه - والبخاري في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه -، كل يزيد على صاحبه وقد جمعت بين حديثيهما أنه قدم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أحد رهط من عضل والقارة فقالوا: يا رسول الله إن فينا إسلاماً فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا في الدين ويقرؤوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام


الصفحة التالية
Icon