وغيرها لمعاشكم ﴿وتجارة تخشون كسادها﴾ أي لفوات أوقات نفاقها بسبب اشتغالكم بما ندب الله سبحانه إليه فيفوت - على ما تتوهمون - ما به قوامكم ﴿ومساكن ترضونها﴾ أي لأنها مجمع لذلك كله، ولقد رتبها سبحانه أحسن ترتيب، فإن الأب أحب المذكورين لما هنا من شائبة النصرة، وبعده الابن ثم الأخ ثم الزوج ثم العشير الجامع للذكور والإناث ثم المال الموجود في اليد ثم المتوقع ربحه بالمتجر، وختم بالمسكن لأنه الغاية التي كل ما تقدم أسباب للاسترواح فيه والتجمل به ﴿أحب إليكم من الله﴾ أي الجامع لصفات الكمال الذي أنعم عليكم بجميع ما ذكر، ومتى شاء سلبكموه ﴿ورسوله﴾ أي الذي أتاكم بما به حفظ هذه النعم في الدارين ﴿وجهاد في سبيله﴾ أي الرد الشارد من عباده إليه وجمعهم عليه، وفي قوله -: ﴿فتربصوا﴾ أي انتظروا متربصين - تهديد بليغ ﴿حتى يأتي الله﴾ أي الذي له الإحاطة بكل شيء ﴿بأمره﴾ أي الذي لا تبلغه أوصافكم ولا تحتمله قواكم.
ولما كان من آثر حب شيء من ذلك على حبه تعالى، كان مارقاً من دينه راجعاً إلى دين من آثره، وكان التقدير: فيصيبكم بقارعة لا تطيقونها ولا تهتدون إلى دفعها بنوع حلية، لأنكم اخترتم لأنفسكم منابذة الهداية ومعلوم أن من كان كذلك فهو مطبوع في الفسق، عطف عليه قوله: ﴿والله﴾ أي الجامع لصفات الكمال ﴿لا يهدي القوم﴾ أي لا يخلق الهداية في قلوب


الصفحة التالية
Icon