وليست الشهور ثلاثة عشر ولا أكثر كما كان يفعل من أمرتكم بالبراءة منهم كائنين منة كانوا في النسيء ﴿يوم﴾ أي كان ذلك وثبت يوم ﴿خلق السماوات والأرض﴾ أي اللذين نشأ عنهما الزمان.
والمعنى أن الحكم بذلك كان قبل أن يخلق الزمان ﴿منها﴾ أي الشهور ﴿أربعة حرم﴾ أي بأعيانها لا بمجرد العدد ﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم والحكم العالي الرتبة في الإتقان خاصة ﴿الدين القيم*﴾ أي الذي لا عوج فيه ولا مدخل للعباد، وإنما هو بتقدير الله تعالى للقمر؛ روى البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال - يعني في حجة الوادع: «إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم: ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان» ولما بين الأمر سبب عنه قوله: ﴿فلا تظلموا فيهن﴾ أي الأشهر الحرم ﴿أنفسكم﴾ أي بسبب إنساء بعضها وتحريم غيره مكانة لتوافقوا العدد - لا العين - اللازم عنه إخلال كل منها بإيقاع الظلم فيه وتحريم كل من غيرها، قال قتادة: العمل الصالح والفاسد فيها أعظم منه في غيرها وإن كان ذلك في نفسه عظيماً فإن الله تعالى لعظم من أمره ما شاء؛ وقال أبو حيان ما حاصله: إن العرب تعيد الضمير على جمع الكثرة كالواحدة المؤنثة فلذا قال: «منها


الصفحة التالية
Icon