وأسنان القلب أسابيع، يعرفها من تطور فيها، ويجهلها من نبت سن قلبه على الجهل وتطور سن جسمه إلى الهرم «يهرم ابن آدم ويشيب منه اثنتان: الحرص والأمل» فالحرص فقره ولو ملك الدنيا، والأمل همه وتعبه، فمن لم يتحقق أسنان القلب وتفاوت خطابها لم ينفتح له الباب إلى فهم القرآن، ومن لم يتضح له تنزلات الخطاب لم يبن له خطاب الله من خطاب الرحمن من خطاب الملك الديان - انتهى.
ولما بين ما لمن صدقه باطناً أو ظاهراً من الرحمة، بين ما على من كذبه فآذاه من النقمة فقال: ﴿والذين يؤذون﴾ أي هؤلاء ومن غيرهم ﴿رسول الله﴾ أي الذي أظهر - وهو الملك الأعلى - شرفه وعظمته بالجمع بين الوصفين وأعلاه بإضافته إليه، وزاد في رفعته بالتبير باسمه الأعظم الجامع، وهو واسطة بين الحق والخلق في إصلاح أحوالهم فإنما يستحق منهم الشكر والإكرام لا الأذى والإيلام.
ولما كان أذاهم مؤلماً جعل جزاءهم من جنسه فقال: ﴿لهم عذاب أليم *﴾ ثم علل ذلك باستهانتهم بالله ورسوله، وأخبر أنهم يخشون على دمائهم فيصلحون ظواهرهم حفظاً لها بالأيمان الكاذبة فقال: ﴿يحلفون بالله﴾ أي الذي له تمام العظمة ﴿لكم﴾ أي أنهم ما آذوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خصوصاً ولا أولادكم بالمخالفة عموماً؛ وبين غاية مرادهم بقوله: ﴿ليرضوكم﴾.
ولما كان الرسول عليه الصلاة والسلام ليس بأذن بالمعنى الذي