أرادوه، بين أنه لم يكن راضياً بإيمانهم لعدم وقوع صدقتهم في قلبه ولكنه أظهر تصديقهم لما تقدم من الإصلاح فقال: ﴿والله﴾ أي الذي له الأمر كله ولا أمر لأحد معه ﴿ورسوله﴾ أي الذي هو أعلى خلقه، وبلغ النهاية في تعظيمه بتوحيد الضمير الدال على وحدة الراضي لأن كل ما يرضي أحدهما يرضي الآخر فقال: ﴿أحق أن﴾ أي بأن ﴿يرضوه﴾ ولما كان مناط الإرضاء الطاعة ومدار الطاعة الإيمان، قال معبراً بالوصف لأنه مجزأه: ﴿إن كانوا مؤمنين*﴾ أي فهم يعلمون أنه أحق بالإرضاء فيجتهدون فيه، وذلك إشارة إلى أنهم إن جددوا إرضاءه كل وقت كان دليلاً على إيمانهم، وإن خالفوه كان قاطعاً على كفرانهم.
ولما بين أن حلفهم هذا إنما هو لكراهة الخزي عند المؤمنين وبين من هو الأحق بأن يرضوه، أقام الدليل على ذلك في استفهام إنكار وتوبيخ مبيناً أنهم فرّوا من خزي منقض فسقطوا في خزي دائم، والخزي: استحياء في هوان، فقال: ﴿ألم يعلموا﴾ أي لدلالتهم على الأحق بالإرضاء. ولما كان ذكر الشيء مبهماً ثم مفسراً أضخم، أضمر للشأن فقال: ﴿أنه﴾ أي الشأن العظيم ﴿من يحادد الله﴾ وهو الملك الأعظم، ويظهر المحاددة - بما أشار إليه الفك ﴿ورسوله﴾ أي الذي عظمته من عظمته، بأن يفعل معهما فعل من يخاصم في