حد أرض فيريد أن يغلب على حد خصمه، ويلزمه أن يكون في حد غير حده ﴿فأن له نار جهنم﴾ أي فكونها له جزاء له على ذلك حق لا ريب فيه ﴿خالداً فيها﴾ أي دائماً من غير انقضاء كما كانت نيته المحادة أبداً؛ ثم نبه على عظمة هذا الجزاء بقوله: ﴿ذلك﴾ أي الأمر البعيد الوصف العظيم الشأن ﴿الخزي العظيم*﴾.
ولما علل فعل المستهينين، أتبعه تعليل أمر صنف آخر أخف منهم نفاقاً بما عندهم مما يقارب التصديق فقال: ﴿يحذر المنافقون﴾ وعبر بالوصف الدال على الرسوخ تحذيراً لهم من أدنى النفاق فإنه يجر إلى أعلاه ﴿أن تنزل﴾ ولما كانت السورة الفاضحة لهم داهية ونائبة من نوائب الدهر وشدائده، عدى الفعل بعلى فقال: ﴿عليهم سورة﴾ أي قطعة من القرآن شديدة الانتظام ﴿تنبئهم﴾ أي تخبرهم إخبار عظيماً مستقصي ﴿بما في قلوبهم﴾ لم يظهروا عليه أحداً من غيرهم او أحداً مطلقاً، لعل هذا الصنف كانوا يسلفون الأيمان لعلها تشكك بعض الناس أو تخفف عنهم إذا نزل ما يهتكهم، روي أنهم كانوا يقولون ما يؤدي ويدل على النفاق ويقولون: عسى الله أن لا يفشي علينا سرنا، وقال بعضهم بعد كلام قالوه: والله إني لأرانا شر خلق الله ولوددت أني قدمت فجلدت مائة جلدة وأنه لا ينزل فينا شيء يفضحنا.


الصفحة التالية
Icon