أي كلها، أي ألم يعلموا أنه تعالى لا يخادع لعلمه بالعواقب فيخشوا عاقبته فيوفوا بعهده، وفائدة الإعطاء مع علمه بالخيانة إقامة الحجة؛ قال أبو حيان: وقرأ علي وأبو عبد الرحمن والحسن ﴿ألم تعلموا﴾ بالتاء، وهو خطاب للمؤمنين على سبيل التقرير - انتهى.
وفائدة الالتفات الإشارة إلى أن هذا العلم إنما ينفع من هيىء للإيمان.
ولما أخبر تعالى أنه لم يكفهم كفران نعمة الغنى من غير معاهدة حتى ارتكبوا الكفران بمنع الواجب مع المعاهدة، أخبر أنه لم يكفهم أيضاً ذلك حتى تعدوه إلى عيب الكرماء الباذلين بصفة حبهم لربهم ما لم يوجبه عليهم، فقال تعالى معبراً بصيغة تصليح لجميع ما مضى من أقسامهم إفهاماً لأنهم كلهم كانوا متخلقين بذلك وإن لم يقله إلا بعضهم: ﴿الذين يلمزون﴾ أي يعيبون في خفاء ﴿المطوعين﴾ أي الذين ليس عليهم واجب في أموالهم فهم يتصدقون ويحبون إخفاء صدقاتهم - بما يشير إليه الإدغام ﴿من المؤمنين﴾ أي الراسخين في الإيمان ﴿في الصدقات﴾ ولما كان ما مضى شاملاً للموسر والمعسر، نص على المعسر لزيادة فضله وإشارة إلى أن الحث على قليل الخير كالحث على كثيره فقال عاطفاً على ﴿المطوعين﴾ :﴿والذين لا يجدون﴾ أي من المال ﴿إلا جهدهم﴾ أي طاقتهم التي أجهدوا أنفسهم فيها حتى بلغوها.