بدل ذلك الضحك القليل كما استبدلوا حرها العظيم بحر الشمس الحقير ﴿جزاء بما كانوا يكسبون*﴾ أي من الفرح بالمعاصي والسرور بالشهوات والانهماك في اللذات.
ولما كان المسرور بشيء الكاره لضده الناهي عنه لا يفعل الضد إلا تكلفاً ولا قلب له، إليه وكان هذا الدين مبنياً على العزة والغنى، أتبع ذلك بقوله مسبباً عن فرحهم بالتخلف: ﴿فإن رجعك الله﴾ أي الملك الذي له العظمة كلها فله الغنى المطلق عن سفرك هذا ﴿إلى طائفة منهم﴾ أي وهم الذين يمد الله في أعمارهم إلى أن ترجع إليهم، وهذا يدل على أنه أهلك سبحانه في غيبته بعضهم، فأردت الخروج إلى سفر آخر ﴿فاستأذنوك﴾ أي طلبوا أن تأذن لهم ﴿للخروج﴾ أي معك في سفرك ذلك ﴿فقل﴾ عقوبة لهم وغنى عنهم وعزة عليهم ناهياً لهم بصيغة الخبر ليكون صدقك فيه علماً من أعلام النبوة وبرهاناً من براهين الرسالة ﴿لن تخرجوا معي أبداً﴾ أي في سفر من الأسفار لأن الله قد أغناني عنكم وأحوجكم إليّ ﴿ولن تقاتلوا معي عدواً﴾ لأنكم جعلتم أنفسكم في عداد ربات الحجال ولا تصلحون لقتال؛ والتقييد بالمعية كما يؤذن باستثقالهم يخرج ما كان بعده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أصحابه رضي الله عهنم من سفرهم وقتالهم.