ولما أخزاهم سبحانه بما أخزوا به أنفسهم، علله بقوله: ﴿إنكم رضيتم بالقعود﴾ أي عن التشرف بمصاحبتي، ولما كانت الأوليات أدل على تمكن الغرائز من الإيمان والكفران وغيرها قال: ﴿أول مرة﴾ أي في غزوة تبوك، ومن فاتنا يكفيه أنا نفوته؛ قال أبو حيان: فعلل بالمسبب وهو الرضى الناشىء عن السبب وهو النفاق - انتهى.
ولما أنهى الحكم والعلة، سبب عنه قوله: ﴿فاقعدوا مع الخالفين*﴾ أي الذين رضوا لأنفسهم بهذا الوصف الذي من جملة معانيه: الفاسد فهم لا يصلحون لجهاد ولا يلفون أبداً في مواطن الامجاد، وقال بعضهم: المراد بهم الذين تخلفوا بغير عذر في غزوة تبوك، أو النساء والصبيان أو أدنياء الناس أو المخالفون أو المرضى والزمنى أو أهل الفساد، والأولى الحمل على جميع، أي لأن المراد تبكيتهم وتوبيخهم، ولما أتم سبحانه الكلام في الاستغفار وتعليله إلى أن ختم بإهانة المتخلفين، وكان القتل المسبب عن الجهاد سبباً لترك الصلاة على الشهيد تشريفاً له، جعل الموت الواقع في القعود المرضي به عن الجهاد سبباً لترك الصلاة إهانة لذلك القاعد، فقال عاطفاً على ما أفهمت جملة: ﴿استغفر لهم أو لا تستغفر لهم﴾ الآية، من نحو: فلا تستغفر لهم أصلاً: ﴿ولا تصلِّ﴾ أي الصلاة التي شرعت لتشريف المصلى عليه والشفاعه فيه ﴿على أحد منهم﴾ ثم وصف


الصفحة التالية
Icon