حال الدنيا في سرعة انقضائها وانقراض نعيمها بعد عظيم إقباله كحال نبات الأرض في جفافه وذهابه حطاماً بعد ما التف وزين الأرض بخضرته وألوانه وبهجته.
ولما كان هذا المثل في غاية المطابقة للساعة، هز السامع له فازداد عجبه من حسن تفصيله بعد تأصيله فقيل جواباً له: ﴿كذلك﴾ أي مثل هذا التفصيل الباهر ﴿نفصل﴾ أي تفصيلاً عظيماً ﴿الآيات لقوم﴾ أي ناس أقوياء فيهم قوة المحاولة لما يريدون ﴿يتفكرون*﴾ أي يجددون الفكر على وجه الاستمرار والمبالغة؛ والمثل: قول سائر يشبه فيه الحال الثاني بالأول؛ والاختلاط: تداخل الأشياء بعضها في بعض؛ والزخرف: حسن الألوان.
ولما قرر سبحانه هذه الآيات التي حذر فيها من أنواع الآفات، بين أن الدار التي رضوا بها وأطمأنوا إليها دار المصائب ومعدن الهلكات والمعاطب وأنها ظل زائل تحذيراً منها وتنفيراً عنها، بين تعالى أن الدار التي دعا إليها سالمة من كل نصب وهم ووصب، ثابته بلا زوال، فقال تعالى عاطفاً على قوله ﴿إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض﴾ ترغيباً في الآخرة وحثاً عيها: ﴿والله﴾ أي الذي له الجلال والإكرام ﴿يدعوا﴾ أي يعلق دعاءه على سبيل التجدد والاستمرار بالمدعوين ﴿إلى دار السلام﴾ عن قتادة أنه سبحانه أضافها إلى اسمه تعظيماً لها وترغيباً فيها، يعني بأناه لا عطب فيها أصلاً، والسلامة فيها دائمة،


الصفحة التالية
Icon