والسلام فيها فاش من بعضهم على بعض ومن الملائكة وغيرهم؛ والدعاء: طلب الفعل بما يقع لأجله، والدواعي إلى الفعل خلاف الصوارف عنه.
ولما أعلم - بالدعوة بالهداية بالبيان وأفهم ختم الآية بقوله: ﴿ويهدي من يشاء﴾ أي بما يخلق في قلبه من الهداية ﴿إلى صراط مستقيم*﴾ أن من الناس من يهديه ومنهم من يضله. وأن الكل فاعلون لما يشاء - كان موضع أن يقال: هل هم واحد في جزائه كما هم واحد في الانقياد لمراده؟ فقيل: لا، بل هم فريقان: ﴿للذين أحسنوا﴾ أي الأعمال في الدنيا منهم وهم من هداه ﴿الحسنى﴾ أي الخصلة التي هي في غاية الحسن من الجزاء ﴿وزيادة﴾ أي عظيمة من فضل الله فالناس: مزيد خرجت هدايته من الجهاد ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾ [العنكبوت: ٦٩]، ومراد خرجت هدايته من المشيئة، فالدعوة إلى الجنة بالبيان عامة، والهداية إلى الصراط خاصة لأنها الطريق إلى المنعم.
ولما كان النعيم لا يتم إلاّ بالدوام بالأمن من المضار قال: ﴿ولا يرهق﴾ أي يغشي ويلحق ﴿وجوههم قتر﴾ أي غبرة كغبره الموت وكربة، وهو تغير في الوجه معه سواد وعبوسة تركبهما غلبة ﴿ولا ذلة﴾ أي كآبة وكسوف يظهر منه الانكسار والهوان.
ولما كان هذا واضحاً في أنهم أهل السعادة، وصل به قوله: