﴿أولئك﴾ أي العالو الرتبة ﴿أصحاب الجنة﴾ ولما كانت الصحبة جديرة بالملازمة، صرح بها في قوله: ﴿هم﴾ أي لا غيرهم ﴿فيها﴾ أي خاصة ﴿خالدون﴾ أي مقيمون لا يبرحون، لأنهم لا يريدون ذلك لطيبها ولا يراد بهم.
ولما بين حال الفضل فيمن أحسن، بين حال العدل فيمن أساء فقال: ﴿والذين كسبوا﴾ أي منهم ﴿السيئات﴾ أي المحيطة بهم ﴿جزآء سيئة﴾ أي منهم ﴿بمثلها﴾ بعدل الله من غير زيادة ﴿وترهقهم ذلة﴾ أي من جملة جزائهم، فكأنه قيل: أما لهم انفكاك عن ذلك؟ فقيل جواباً: ﴿ما لهم من الله﴾ أي الملك الأعظم؛ وأغرق في النفي فقال: ﴿من عاصم﴾ أي يمنعهم من شيء يريده بهم.
ولما كان من المعلوم أن ذلك مغير لأحوالهم، وصل به قوله: ﴿كأنما﴾ ولما كان المكروه مطلق كونها بالمنظر السيىء، بني للمفعول قوله: ﴿أغشيت وجوههم﴾ أي أغشاها مغش لشدة سوادها لما هي فيه من السوء ﴿قطعاً﴾ ولما كان القطع بوزن عنب مشتركاً بين ظلمة آخر الليل وجمع القطعة من الشيء. بين وأكد فقال: ﴿من الليل﴾ أي هذا الجنس حال كونه ﴿مظلماً﴾ ولما كان ذلك ظاهراً في أنهم أهل الشقاوة، وصل به قوله: ﴿أولئك﴾ أي البعداء