أي كُشِف لنا اليوم بتفهيم الله أنه ليس الأمر كما زعمتم وأنكم لم تخصونا بالعبادة حتى يلزمنا منعكم على أنكم لو خصصتمونا ما قدرنا على ذلك قال الشيطان ﴿ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي﴾ [إبراهيم: ٢٢] ﴿فكفى﴾ أي فتسبب عن نفينا لذلك على ما كشف لنا من العلم أن نقول: كفى ﴿بالله شهيداً بيننا وبينكم﴾ في ذلك، يشهد أنكم لم تخصوا أحداً منه ومنا بعبادة بل كنتم مذبذبين، وهذا كله إشارة إلى أن العبادة المشوبة لا اعتداد بها ولا يرضاها جماد لو نطق، وإن من استحق العبادة استحق الإخلاص فيها وأن لا يشرك به أحد وأنه لا يستحق ذلك إلاّ القادر على كشف الكرب والمنع من أن يقطع بينه وبين متوليه وعابده قاطع؛ ولما كانت فائدة الشاهد ضبط ما قد ينساه المتشاهدان، عللوا اكتفاءهم بشهادة الله بقوله: ﴿إن كنا عن عبادتكم﴾ في تلك الأزمان ﴿لغافلين﴾ فأقروا لهم بما هو الحق مما كان يعلمه كل من له تأمل صحيح أنهم لم يشعروا بعبادتهم ساعة من الدهر قبل ساعتهم هذه، فهم أجدر الخلق بالاكتفاء بشهادة الشهيد لأنهم أسوأ حالاً ممن يعلم المشهود به ويخشى النسيان، أو يقال: فقال المشركون لشركائهم: إنا كنا نعبدكم فهل أنتم ناصرونا أو شافعون لنا فنجونا مما وقعنا فيه {وقال شركاؤهم