وحياً أو تفرساً، ولما كان الكلام في المنافقين، فكانت الرؤية لنفاقهم الذي يجتهدون في إخفائه، وكان المؤمنون لا اطلاع لجميعهم عليهم، لم يذكرهم بخلاف من يأتي بعد فإنهم مؤمنون.
ولما كان هذا ربما أوهمهم أنه لا يعلم إلا ما أوقعوه بالفعل، نفى ذلك بإظهار وصفه في موضع الإضمار مهدداً بقوله مشيراً بأداة التراخي إلى استبعادهم لقيامهم إلى معادهم: ﴿ثم تردون﴾ أي براد قاهر لا تقدرون على دفاعه بعد استيفاء آجالكم بالموت وإن طالت ثم البعث ﴿إلى عالم الغيب﴾ وهو ما غاب عن الخلق ﴿والشهادة﴾ وهو ما اطلع عليه أحد منهم. فصار بحيث يطلعون عليه وهذا ترجمة عن الذي يعلم الشيء قبل كونه ما يعلم بعد كونه ﴿فينبئكم﴾ أي يخبركم إخباراً عظيماً جليلاً مستوعباً ﴿بما كنتم﴾ أي بجبلاتكم ﴿تعملون*﴾ أي مما أبرزتموه إلى الخارج ومما كان في جبلاتكم، ولو تأخرتم لبرز، وهو تهديد عظيم، ووقع ترتيبهم للاعتذار على الأسهل فالأسهل على ثلاث مراتب: الأولى مطلق الاعتذار وقد مضى ما فيها؛ الثانية تأكيد ذلك بالحلف للإعراض عنهم فقال سبحانه: ﴿سيحلفون بالله﴾ أي الذي لا أعظم منه ﴿لكم إذا انقلبتم إليهم﴾ أي جهد إيمانهم أنهم كانوا معذورين في التخلف


الصفحة التالية
Icon