فمن التنبيه ﴿إن ربكم الله﴾ [يونس: ٣]، ﴿هو الذي جعل الشمس﴾ [سورة يونس، آية: ٥]، ﴿إن في اختلاف الليل والنهار﴾ [سورة يونس، آية: ٦]، ﴿قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده﴾ [يونس: ٣٤]، ﴿قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق﴾ [سورة يونس، آية: ٣٥]، ﴿قل انظروا ماذا في السماوات والأرض﴾ [سورة يونس، آية: ١٠١]- إلى غير هذا، وعلى هذا السنن تكررت العظات والأغراض المشار إليها في هذه السورة إلى قوله: ﴿يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم﴾ [سورة يونس، آية: ١٠٨] فحصل من سورة الأعراف والأنفال وبراءة ويونس تفصيل ما كان أجمل فيما تقدمها كما حصل مما تقدم تفصيل أحوال السالكين والمتنكبين، فلما تقرر هذا كله أتبع المجموع بقوله: ﴿كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير﴾ وتأمل مناسبة الإتيان بهذين الاسمين الكريمين وهما ﴿الحكيم الخبير﴾ ثم تأمل تلاؤم صدر السورة بقوله: ﴿يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم﴾ [سورة يونس، آية: ١٠٨] وقد كان تقدم قوله تعالى: ﴿قد جاءتكم موعظة من ربكم﴾ [يونس: ٥٧] فأتبع قوله: ﴿قد جاءكم الحق من ربكم﴾ بقوله في صدر سورة هود ﴿كتاب أحكمت آياته ثم فصلت﴾ [هود: ٤١] فكأنه في معرض بيان الحق والموعظة، وإذا كانت محكمة مفصلة فحق لها أن تكون شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين، وحق توبيخهم في قوله تعالى: ﴿بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه﴾ [يونس: ٣٩] والعجب في عمههم مع إحكامه وتفصيله ولكن {الذين حقت عليهم