كلمت ربك لا يؤمنون} [يونس: ٩٦] وتأمل قوله سبحانه آخر هذه السورة ﴿وكلاًّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك﴾ [هود: ١٢٠]، و ﴿جاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين﴾ [هود: ١٢٠] فكل الكتاب حق وموعظة وذكرى، وإنما الإشارة - والله أعلم - بما أراد إلى ما تقرر الإيماء إليه من كمال بيان الصراط المستقيم وملتزمات متبعيه أخذاً وتركاً، وذكر أحوال المتنكبين على شتى طرقهم، واختلاف أهوائهم وغاياتهم وشرُّهم إبليس فإنه متبعهم والقائل لجميعهم في إخبار الله تعالى ﴿إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم﴾ [إبراهيم: ٢٢] وقد بسط من أمره وقصته في البقرة والأعراف ما يسر على المؤمنين الحذر منه وعرفهم به وذكر اليهود والنصارى والمشركون والصابئون والمنافقون وغيرهم، وفصل مرتكب كل فريق منهم كما استوعب ذكر أهل الصراط المستقيم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وفصل أحوالهم ابتداء وانتهاء والتزاماً وتركاً ما أوضح طريقهم، وعين حزبهم وفريقهم ﴿أولئك الذين هدى الله﴾ [الأنعام: ٩٠] وذكر أحوال الأمم مع أنبيائهم وأخذ كل من الأمم بذنبه مفصلاً، وذكر ابتداء الخلق في قصة آدم عليه السلام وحال الملائكة في التسليم والإذعان وذكر فريق الجن من مؤمن وكافر وأمر الآخرة وانتهاء حال الخلائق واستقرارهم الأخروي وتكرير دعاء الخلق إلى الله تعالى طمعاً فيه ورحمة وإعلام الخلق بما هو علبه سبحانه وما يجب


الصفحة التالية
Icon