له من الصفات العلى والأسماء الحسنى، ونبه العباد على الاعتبار وعملوا طرق الاستدلال ورغبوا ورهبوا وبشروا وأنذروا وأعلموا بافتقار المخلوقات بجملتها إليه سبحانه كما هو المتفرد بخلقهم إلى ما تخلل ذلك مما يعجز الخلائق عن حصره والإحاطة به
﴿والله يقول الحق وهو يهدي السبيل﴾ [الأحزاب: ٤] فما تقدم هذا كله في السبع الطوال وما تلاها. أعقب ذلك بقوله: ﴿كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير﴾ [هود: ١] ثم أتبع هذا بالإيماء إلى فصول ثلاثة عليها مدار آي كتب، وهي فصل الإلهية، وفصل الرسالة، وفصل التاكليف، أما الأول فأشار إليه قوله: ﴿ألا تعبدوا إلا الله﴾ [هود: ٢] وأما فصل الرسالة فأشار إليه قوله سبحانه: ﴿إنني لكم منه نذير وبشير﴾ [هود: ٢] وأما فصل التالكيف فأشار إليه قوله سبحانه ﴿وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه﴾ [هود: ٣]. وهذه الفصول الثلاثة هي التي تدور عليها آي القرآن وعليها مدار السورة الكريمة، فلما حصل استيفاء ذلك كله فيما تقدم ولم يبق وجه شبهة للمعاند ولا تعلق للجاحد واتضح الحق وبان قال سبحانه وتعالى: ﴿وجاءك في هذه الحق﴾ [هود: ١٢٠] إشارة إلى كمال المقصود وبيان المطلوب واستيفاء التعريف بوضوح الطريق وقد وضح من هذا تلاء السورة الكريمة لما تقدمها، ومما يشهد لهذا - والله أعلم - قوله تعالى: ﴿أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه﴾ [هود: ١٧] وقوله تعالى: ﴿فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا﴾ [هود: ١١٢]


الصفحة التالية
Icon