بالأخذ، وكان الواقع أنه تعالى يعاملهم بالإمهال فضلاً منه وكرماً، حكى مقالتهم في مقابلة رحمته لهم فقال: ﴿ولئن أخرنا﴾ أي بما لنا من العظمة التي لا يفوتها شيء ﴿عنهم﴾ أي الكفار ﴿العذاب﴾ أي المتوعد به ﴿إلى أمة﴾ أي مدة من الزمان ليس فيها كدر ﴿معدودة﴾ أي محصورة الأيام أي قصيرة معلومة عندنا حتى تعد الأنفاس ﴿ليقولن﴾ على سبيل التكرار ﴿ما يحبسه﴾ أي العذاب عن الوقوع استعجلاً له تكذيباً واستهزاء، وهو تهديد لهم بأنه آتيهم عن قريب فليعتدوا لذلك.
ولما كان العاقل لا ينبغي أن يسأل عن مثل ذلك إلا بعد قدرته على الدفع، أعرض عن جوابهم وذكر لهم أنهم عاجزون عن دفاعه عند إيقاعه إعلاماً بأنهم عكسوا في السؤال، وتحقيقاً لأن ما استهزؤوا به لا حق بهم لا محالة، فقال مؤكداً لشديد إنكارهم: ﴿ألا يوم﴾ وهو منصوب بخبر «ليس» الدال على جواز تقدم الخبر ﴿يأتيهم ليس﴾ أي العذاب ﴿مصروفاً عنهم﴾ أي بوجه من الوجوه؛ وقدم الماضي موضع المستقبل تحقيقاً ومبالغة في التهديد فقال: ﴿وحاق بهم﴾ أي أدركهم إذ ذاك على سبيل الإحاطة ﴿ما كانوا﴾ أي بجبلاتهم وسيىء طبائعهم، وقدم الظرف إشارة إلى شدة إقبالهم على الهزء به حتى كأنهم لا يهزؤون بغيره فقال: ﴿به﴾ ولما كان استعجالهم استهزاء، وضع موضع يستعجلون قوله: