أي مصنوعهم أو صنعهم أي لبنائه على غير أساس؛ ولما كان تقييد الحبوط بالآخرة ربما أوهم أنه شيء في نفسه قال: ﴿وباطل﴾ أي ثابت البطلان في كل من الدارين ﴿ما كانوا يعملون*﴾ أي معمولهم أو عملهم وإن دأبوا فيه دأب من هو مطبوع عليه لأنه صورة لا معنى لها لبنائه على غير أساس؛ والزينة: تحسين الشيء بغيره من لبسه أو حلية أو هيئة؛ والتوفية: تأدية الحق على تمام؛ وحبوط العمل: بطلانه، من قولهم: حبط بطنه - إذا فسد بالمأكل الرديء.
ولما اتضحت الحجج وانتهضت الدلائل فأغرقتهم عوالي اللجج، كان ذلك موضع الإنكار على من يسوي بين المهتدي والمعتدي، فكيف يفضل إما باعتبار النظر إلى الرئاسة الدنيوية غفلة من حقائق الأمور أو عناداً كمن قال من اليهود للمشركين: أنتم أهدى منهم، فقال: ﴿أفمن كان على بينة﴾ أي برهان وحجة ﴿من ربه﴾ بما آتاه من نور البصيرة وصفاء العقل فهو يريد الآخرة ويبني أفعاله على أساس ثابت ﴿ويتلوه﴾ أي ويتبع هذه البينة ﴿شاهد﴾ هو القرآن ﴿منه﴾ أي من ربه، أو تأيد ذلك البرهان برسالة رسول عربي بكلام معجز وكان ﴿من قبله﴾ أي هذا الشاهد مؤيداً له ﴿كتاب موسى﴾ أي شاهد أيضاً وهو التوارة حال كونه ﴿إماماً﴾ يحق الاقتداء به ﴿ورحمة﴾ أي لكل من اتبعه.


الصفحة التالية
Icon