ولما كان الجواب ظاهراً حذفه، وتقديره - والله أعلم: كمن هو على الضلالة فهو يريد الدنيا فهو يفعل من المكارم ما ليس مبنياً على أساس صحيح، فيكون في دار البقاء والسعادة هباء منثوراً؛ ولما كان هذا الذي على البينة عظيماً، ولم يكن يراد به واحداً بعينه، استأنف البيان لعلو مقامه بأداة الجمع بشارة لهذا النبي الكريم بكثرة أمته فقال: ﴿أولئك﴾ أي العالو الرتبة بكونهم على هدى من ربهم وتأيد هداهم بشاهد من قبله وشاهد من بعده مصدق له ﴿يؤمنون به﴾ أي بهذا القرآن الذي هو الشاهد ولا ينسبون الآتي به إلى أنه افتراه ﴿ومن يكفر به﴾ أي بهذا الشاهد ﴿من الأحزاب﴾ من جميع الفرق وأهل الملل سواء، سوى بين الفريقين جهلاً أو عناداً ﴿فالنار موعده﴾ أي وعيده وموضع وعيده يصلى سعيرها ويقاسي زمهريرها.
ولما عم بوعيد النار، اشتد تشوف النفس لما سبب عنه فقرب إزالة ما حملت من ذلك بالإيجاز، فاقتضى الأمر حذف نون «تَكن» فقيل: ﴿فلا تكُ﴾ أي أيها المخاطب الأعظم ﴿في مرية﴾ أي شك عظيم ووهم ﴿منه﴾ أي من القرآن ولا يضيق صدرك عن إبلاغه، أو من الوعد الذي هو النار والخيبة وإن أنعمنا على المتوعد بذلك ونعمناه في الدنيا؛ ثم علل النهي بقوله: ﴿إنه﴾ القرآن