كونك محفوظاً ﴿بأعيننا﴾ نحفظك أن تزيغ في عملها، وجمع مبالغة في الحفظ والرعاية على طريق التمثيل ﴿ووحينا﴾ فنحن نلهمك أصلح ما يكون من عملها وأنت تعلم ما لنا من العظمة التي تغلب كل شيء ولا يتعاظمها شيء، فلا تهتم بكونك لا تعرف صنعتها؛ وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن الله أوحى إليه أن يصنعه مثل جؤجؤ الطائر - أي صدره. وأشار إلى شفقته على قومه وحبه لنجاتهم كما هو حال هذا النبي الكريم مع أمته فقال: ﴿ولا تخاطبني﴾ أي بنوع مخاطبة وإن قلت ﴿في الذين ظلموا﴾ أي أوجدوا الظلم واستمروا عليه في أن أنجيهم؛ ثم علل النهي بأن الحكم فيهم قد انبرم فقال: ﴿إنهم مغرقون*﴾ قد انبرم الأمر بذلك؛ والابتئاس: حزن في استكانة، لأن أصل البؤس الفقر والمسكنة؛ والوحي: إلقاء المعنى إلى النفس في خفاء، وقد يكون إفهاماً من غير كلام بإشارة ونحوها، وقد يكون بكلام خفي؛ والفلك: السفينة، يؤنث ويذكر، واحده وجمعه سواء، وأصله الإدارة من الفلكة.
ولما أمره تعالى ونهاه، أخبر أنه امتثل ذلك بقوله عاطفاً على ما تقديره: فأيس من إيمان أحد منهم فترك دعاءهم وشرع يسلي نفسه: ﴿ويصنع﴾ أي صنعة ماهر جداً، له ملكة عظيمة بذلك الصنع ﴿الفلك﴾ فحلى فعله حالُ علمه بأنه سبحانه بت الأمر بأنه كان يعمل ما أمره به


الصفحة التالية
Icon