تفوز به من المعاونة على خدمتهم، فسمعت البشارة بالولد التي دل عليها فيما مضى قوله ﴿بالبشرى﴾ ﴿فضحكت﴾ أي تعجبت من تلك البشرى لزوجها مع كبره، وربما طنته من غيرها لأنها - مع أنها كانت عقيماً - عجوز، فهو من إطلاق المسبب على السبب إشارة إلى أنه تعجب عظيم ﴿فبشرناها﴾ أي فتسبب عن تعجبها أنا أعدنا لها البشرى مشافهة بلسان الملائكة تشريفاً لها وتحقيقاً أنه منها ﴿بإسحاق﴾ تلده ﴿ومن وراء إسحاق يعقوب﴾ أي يكون يعقوب ابناً لإسحاق، والذي يدل على ما قدّرته - من أنهم بشروه بالولد قبل امرأته فسمعت فعجبت - ما يأتي عن نص التوراة، والحكم العدل على ذلك كله قوله تعالى في الذاريات ﴿قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها﴾ [الذاريات: ٢٨-٢٩]- الآية.
ولما شافهوها بذلك، صرحت بوجه العجب من أنه جامع بين عجبين في كونه منه ومنها بأن ﴿قالت يا ويلتي﴾ وهي كلمة تؤذن بأمر فظيع تخف على أفواه النساء ويستعملنها إلى اليوم، لكنهن غيرن في لفظها كما غير كثير من الكلام؛ والويل: حلول الشر؛ والألف في آخره بدل عن ياء الإضافة، كنى بها هنا عن العجب الشديد لما فيه من الشهرة ومراجمة الظنون؛ وقال الرماني: إن


الصفحة التالية
Icon