وصلاً ظاهراً، وقد ظهر الفرق بين كلام الله العالم بالإسباب وما يتصل بها من المسبباب المأمور بها أشرف خلقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سورة الأنعام والزمر والكلام المحكي عن نبيه شعيب عليه السلام في هذه السورة ﴿من﴾ أي أينا أو الذي ﴿يأتيه عذاب يخزيه﴾ ولما كان من مضمون قولهم ﴿ما نفقه كثيراً مما تقول﴾ النسبة إلى الكذب لأنه التكلم بما ليس له نسبة في الواقع تطابقه، قال: ﴿ومن هو كاذب﴾ أي مني ومنكم، فالتقدير إن كانت «من» موصولة: ستعلمون المخزي بالعذاب والكذب أنا وأنتم، وإن كانت استفهامية: أينا يأتيه عذاب يخزيه وأينا هو كاذب، فالزموا مكانتكم لا تتقدموا عنها ﴿وارتقبوا﴾ أي انتظروا ما يكون من عواقبها.
ولما كانوا يكذبونه وينكرون قوله، أكد فقال: ﴿إني معكم رقيب*﴾ لمثل ذلك، وإنما قدرت هذا المعطوف عليه لفصل الكلام في قوله ﴿سوف﴾ ويجوز عطفه على ﴿اعملوا﴾ وجرد ولم يقل: مرتقب، إشارة إلى أن همه الاجتهاد في العمل بما أمره الله لأنه مبالغ في ارتقاب عاقبته معهم استهانة بهم.
ولما كان كأنه قيل: فأخذوا الكلام على ظاهره ولم ينتفعوا بصادع وعيده وباهره، فاستمروا على ما هم عليه من القبيح إلى أن جاء أمرنا في الأجل المضروب له، قال عاطفاً عليه، وكان العطف بالواو


الصفحة التالية
Icon