مادحاً له ليعرف مقداره فيلزم: ﴿ذلك﴾ أي الأمر العالي الرتبة الذي تقدم من الترغيب والترهيب والتسلية وتعليم الداء والدواء للخلاص من الشقاء ﴿ذكرى﴾ أي ذكر عظيم ﴿للذاكرين*﴾ أي لمن فيه أهلية الذكر والانتباه به بحضور القلب وصفاء الفكر ونفوذ الفهم.
ولما كان الصبر لله على المكاره أعلى الطاعة، أتبع ذلك قوله: ﴿واصبر﴾ أي ليكن منك صبر على الطاعات وعن المعاصي ولا تترك إنذارهم بما أمرت به مهما كان ولا تخفهم، فإن العاقبة لك إذا فعلت؛ ولما كان المقام الصبر صعباً والاستقامة على المحمود منه خاصة خطراً، وكانت النفس - لما لها من الجزع في كثير من الأحوال - كالمنكرة، أكدَّ قوله: ﴿فإن﴾ الصبر هو الإحسان كل الإحسان وإن ﴿الله﴾ أي المحيط بصفات الكمال ﴿لا يضيع﴾ أي بوجه من الوجوه ﴿أجر المحسنين*﴾ أي العريقين في وصف الإحسان بحيث إنهم يعبدون الله كأنهم يرونه، فلذلك يهون عليهم الصبر، ولذلك لأن الطاعة كلفة فلا تكون إلا بالصبر، وكل ما عداها فهو هوى النفس لا صبر فيه، فالدين كله صبر «حفت الجنة بالمكاره والنار بالشهوات» ولذا فضل ثواب الصابر ﴿إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب﴾ [الزمر: ١٠] والصبر المحمود: حبس النفس عن