﴿لسحر مبين﴾ ثم قال ﴿إن ربكم الله﴾ الآيات، فبين انفراده تعالى بالربوبية والخلق والاختراع والتدبير، فكيف تعترض أفعاله أو يطلع البشر على وجه الحكمة في كل ما يفعله ويبديه، وإذا كان الكل ملكه وخلقه فيفعل في ملكه ما يشاء ويحكم في خلقه بما يريد ﴿ذلكم الله ربكم فاعبدوه﴾ ﴿ما خلق الله ذلك إلا بالحق﴾ ثم توعد سبحانه الغافلين عن التفكر في عظيم آياته حتى أدتهم الغفلة إلى مرتكب سلفهم في العجب والإنكار حتى قالوا ﴿مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق﴾ [الفرقان: ٧] وقالوا ﴿لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا﴾ [الفرقان: ٢١] وهذه مقالات الأمم المتقدمة ﴿قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا﴾ [يس: ١٥] ﴿قالوا أنؤمن لبشرين مثلنا﴾ [المؤمنون: ٤٧] ﴿ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم﴾ [سبأ: ٤٣] فقال تعالى متوعداً للغافلين ﴿إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا﴾، ثم وعد المعتبرين فقال ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم﴾، وكل هذا بيّن الالتحام جليل الالتئام، تناسجت آي السور - انتهى.
ولما كان كونه من عند الله مع كونه حكيماً - موجباً لقبوله بادىء بدء والسرور به لما تقرر في العقول وجبلت عليه الفطر من أنه تعالى