في إمهالهم مع تماديهم في سوء أعمالهم ما سبق في عمله ومضى به قضاءه فقال تعالى: ﴿وما كان الناس﴾ أي كلهم مع ما لهم من الاضطراب ﴿إلا أُمة﴾ ولما أفهم ذلك وحدتهم في القصد حققه وأكده فقال: ﴿واحدة﴾ أي حنفاء متفقين على طاعة الله ﴿فاختلفوا﴾ في ذلك على عهد نوح عليه السلام - كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما - عقب وحدتهم بسبب ما لهم من النوس فاستحق كافرهم تنجيز العقاب ﴿ولولا كلمة﴾ أي عظيمة ﴿سبقت﴾ أي في الأزل ﴿من ربك﴾ أي المحسن إليك برحمة أمتك بإمهالهم، وبين التأكيد بما دل على القسم لأجل إنكارهم أن يكون تأخيرهم لأجل ذلك فقال: ﴿لقضي بينهم﴾ أي عاجلاً بأيسر أمر ﴿فيما﴾ ولما لم يبين الكلام على الاتخاذ الذي محط أمره معالجة بالباطن، لم يذكر الضمير بخلاف الزمر فقال: ﴿فيه﴾ أي لا في غيره بأن يعجل جزاءهم عليه: ﴿يختلفون*﴾ وأشار ذلك إلى أن هذا الأمر الذي دعوا إليه ليس أمراً طارئاً حادثاً فيكون بحيث يتوقف فيه للنظر في عواقبه والتأمل في مصادره وموارده، بل هو - مع ظهور دلائله واستقامة مناهجه وصحة مذاهبه وإلقاء الفطر أزمة الانقياد إليه - أصل ما كان العباد عليه، وما هم فيه الآن هو الطارىء الحادث مع ظهور فساده ووضوح سقمه، وهو ناظر إلى قوله تعالى ﴿أكان للناس عجباً﴾ لأن قوله {قال


الصفحة التالية
Icon