إنَّ السيوطيّ اختصر كتابه المُسمَّى بـ (الدُّر المنثور في التَّفسير بالمأثور) من كتابه (ترجمان القرآن) الذي ألَّفه في وقت سابق، وضمّنه بضعة عشر ألف حديث ما بين مرفوع وموقوف، ثم عاد فحذف الأسانيد في الدُّر المنثور مخافة الملل، وكلّ ما في الكتاب سرد الروايات عن السلف في التَّفسير بدون أنْ يعقّب عليها، فلا يعدّل، ولا يخرّج، ولا يضعّف، ولا يصحّح، فهو كتاب جامع فقط لِمَا يروى عن السلف في التَّفسير أخذه السيوطيّ من البخاريّ، ومسلم، والنسائيّ، والترمذيّ، وأحمد، وأبي داود، وابن جرير، وغيرهم ممَنْ تقدّمه. فالكتاب يحتاج إلى تصفية حتى يتميّز غثّه من سمينه، وهو مطبوع في ستة مجلدات.
التفسير بالرَّأْي:
معنى الرَّأْي:
يطلق الرَّأْي على الاعتقاد، وعلى الاجتهاد، وعلى القياس.
وعليه فالتَّفسير بالرَّأْي هو تفسير القرآن بالاجتهاد بعد معرفة المفسِّر لكلام العرب ومناحيهم في القول.
وقد اختلف العلماء في جواز تفسير القرآن بالرَّأْي، فمنعه بعضهم منعاً باتاً، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى [الأعراف: ٣٣]، ووجه الاستدلال أنَّ التَّفسير بالرَّأْي قول على الله بغير علم، وبقوله تعالى [الأعراف: ٣٦].
والتَّفسير بالرَّأْي داخل في هذا المنهي عنه، وعليه يكون التَّفسير بالرَّأْي ظناً، والظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً، وبقوله تعالى [النحل: ٤٤]. فقد أضاف البيان إليه - ﷺ - فعلم أنَّه ليس لغيره شيء من البيان لمعاني القرآن، وبالحديث الذي رواه الترمذيّ، وقال عنه: "هذا حديث حسن"، ونص الحديث عن رسول الله - ﷺ - أنَّه قال: (مَنْ قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار) (١).