[٢] التَّفسير الصوفيّ النظريّ ينبني على مقدّمات علميّة؛ بل يرتكز على رياضة روحيّة يأخذ بها الصوفيّ نفسه حتى يصل إلى درجة تتكشّف له فيها من العبارات إشارات قدسيّة.
هل للتَّفسير الإشاريّ أصل شرعيّ؟
ذكروا أنَّ للتَّفسير الإشاريّ أصلاً شرعياً، واستدلوا على ذلك بما رواه الإمام البخاريّ عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنَّه قال: كان عمر - رضي الله عنه - يدخلني مع أشياخ بدر، فكأنَّ بعضهم وجد في نفسه فقال: لِمَ تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله، فقال: إنَّه من حيث علمتم، ثم دعاني ذات يوم فأدخلني معهم، فقال: ما تقولون في قول الله تعالى، فقال بعضهم: أمرنا أنْ نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً، فقال عمر لابن عباس: أكذلك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، قال: فما تقول؟ قلتُ: هو أجل رسول الله - ﷺ - أعلمه له، فقال عمر: ما أعلم منها إلاَّ ما تقول، كذلك لما نزل قوله تعالى [المائدة: ٣] فرح الصحابة، وبكى عمر - رضي الله عنه - وقال: ما بعد الكمال إلاَّ النقصان، فقد أدرك عمر المعنى الإشاريّ، وهو نعي رسول الله - ﷺ -.
ومما هو مشكل، ولكنه أخفّ إشكالاً؛ ما نُقِلَ عن سهل التستريّ في قوله تعالى [آل عمران: ٩٦]: أول بيت وضع للناس هو بيت الله عزّ وجلّ بمكة، هذا هو الظاهر؛ أمَّا الباطن فالمراد به الرّسول يؤمن به مَنْ أثبت الله في قلبه التَّوحيد من الناس.
ومن ذلك تفسيره لقول الله تعالى [النساء: ٣٦]، حيث يقول بعد ذكره للتَّفسير الظاهر، وأمَّا باطنها فـ (الجار ذي القربى) هو القلب، و(الجار الجنب) هو الطبيعة، و(الصاحب بالجنب) هو العقل المقتدي بالشَّريعة، و(ابن السبيل) هو الجوارح المطيعة لله (١).