ومن ذلك تفسيره لقوله تعالى [الروم: ٤١]: "مثّل الله الجوارح بالبر، ومثّل القلب بالبحر، وهو أعم نفعاً وأكثر خطراً، هذا هو باطن الآية ألا ترى أنَّ القلب إنَّما سُمِّيَ قلباً لتقلُّبه وبعد غوره".
ومن هذا النوع تفسير ابن عطاء الله السكندريّ لقوله تعالى [يس: ٣٣]، حيث يقول: "القلوب الميتة بالغفلة أحييناها بالتَّيقُّظ والاعتبار والموعظة، وأخرجنا منها حباً معرفة صافية تضيء أنوارها على الظاهر والباطن (١).
التَّفسير العلميّ:
هو الذي يحكم الاصطلاحات العلميّة في عبارة القرآن، وتجتهد في استخراج مختلف العلوم والآراء الفلسفيّة منها. هذا ومن الذين أيّدوا هذا الاتجاه وروجوا له الإمام الغزاليّ، حيث يعقد باباً يحوي سبعة وسبعين ألف علم، ومائتي علم إذ كلّ كلمة (علم) ثم يتضاعف أربعة أضعاف، إذ لكلّ كلمة: (ظاهر)، و(باطن)، و(حدّ)، و(مطلع).
قال بعض القائلين بالتَّفسير العلميّ ـ وأحسبه أبو العباس المرسيّ ـ: "ونظر فيه ـ أي القرآن ـ أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة فلاح لهم من المعاني والدّقائق ما أطلعهم على علوم مثل: (الفناء)، و(البقاء)، و(الحضور)، و(الخوف)، و(الهيبة)، و(الأنس)، و(الوحشة)، و(الغبط)، و(البسط).
ويستخلص أصحاب هذا الرَّأْي العلوم الآتية من القرآن:
[١] فالطب: مداره على حفظ نظام الصحة، وذلك إنَّما يكون باعتدال المزاج المشار إليه بقوله تعالى [الفرقان: ٦٧].
[٢] الهندسة: قوله تعالى [المرسلات: ٣٠-٣١]، فإنَّ فيه قاعدة هندسيّة، وهو أنَّ الشَّكل المثلث لا ظلّ له.
[٣] الخياطة: من قوله تعالى [الأعراف: ٢٢].
[٤] الحدادة: من قوله تعالى [الكهف: ٩٦].
[٥] النّجارة: من قوله تعالى [هود: ٣٧].
[٦] الغزل: من قوله تعالى [النحل: ٩٢].
[٧] النّسيج: من قوله تعالى [العنكبوت: ٤١].
[٨] الفلاحة: من قوله تعالى
[الواقعة: ٦٣].
[٩] الغوص: من قوله تعالى [ص: ٣٧].

(١) حقائق التَّفسير للسلميّ، ص ٢٨٤


الصفحة التالية
Icon