ثالثاً: الفهم، فقد كان الصحابة إنْ لم يجدوا التَّفسير في كتاب الله ولا سُنَّة رسول الله - ﷺ - اجتهدوا في الفهم، فإنَّهم من خلص العرب، يعرفون العربيّة ويحسنون فهمها، ويعرفون وجوه البلاغة فيها.
وقد اشتهر بالتَّفسير من الصحابة جماعة، منهم الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وابن عباس، وأُبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعريّ، وعبد الله بن الزّبير، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وعائشة، على تفاوت بينهم قلّة وكثرة.
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ تفسير الصحابيّ له حكم المرفوع إذا كان يرجع إلى أسباب النّزول، ومن هذا القبيل كلّ ما ليس للرّأْي فيه مجال.
ولم يدوّن شيء من التَّفسير في هذا العصر؛ لأنَّ التَّدوين لم يكن إلاَّ في القرن الثّاني.
التَّفسير في عهد التَّابعين:
اشتهر بالتَّفسير بعض أعلام التابعين، وكانوا يعتمدون على المصادر التي جاءتهم من العصر السابق، بالإضافة إلى ما كان لهم من اجتهاد وفطرة. ففي مكة نشأت مدرسة ابن عباس، واشتهر من تلاميذه سعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة مولى ابن عباس، وطاوس بن كيسان اليمانيّ، وعطاء بن أبي رباح. فقد كانوا يجلسون إلى ابن عباس ليوضّح لهم ما أشكل من معاني التَّفسير، وهم يعون عنه ما يقول، ويروون لمن بعدهم ما سمعوه منه.
وفي المدينة نشأت مدرسة أُبيّ بن كعب، ومن تلاميذه زيد بن أسلم،
وأبو العالية، ومحمد بن كعب، وغيرهم.
وفي العراق نشأت مدرسة ابن مسعود التي يعدّها العلماء نواة لمدرسة أهل الرّأْي. ومن التابعين الذين عُرفوا بالتَّفسير في العراق علقمة بن قيس، ومسروق الأجدع، والأسود بن يزيد، والحسن البصريّ، ومرة الهمدانيّ،
وعامر الشعبيّ، وقتادة بن دعامة الدّوسيّ.
هذا وقد اختلف العلماء فيما أُثر عن التابعين من التَّفسير بين مؤيّد ومعارض، وذهب أكثر المفسِّرين على أنَّه يؤخذ بتفسيرهم.
شروط المفسِّر: