_____________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل في كلامه حول هذه الآية إلى مسألة التنبيه والأولى، فإثبات الأمانة على الأعلى دلالة على الأمانة على الأدنى، ونفيها على الأدنى دلالة على نفيها على الأعلى.
قال ابن عقيل :( وهذا مما لا خلاف فيه بين جمهور أهل العلم إلا ما شذ عن بعض أهل الظاهر ) (١).
وفي القرآن نهى الله عن التأفيف في حق الأبوين، ونبه بذلك على ما هو أكثر منه من الأذايا، وقوله تعالى :¼ ‚WپWè WـéSظVصpہ¹STژ ½"~YچWTت (٧٧) " [النساء: ٧٧]، فذكر القليل تنبيهاً على الكثير.
وأمثلة هذا في السنة كثير منها : نهي النبي - ﷺ - عن التضحية بالعوراء (٢)، تنبيهاً على النهي عن التضحية بالعمياء.
ومما يؤيد هذا القول :
١- أن هذا ظاهر من لغة العرب، وقد وضعت هذه الألفاظ للمبالغة في التأكيد للحكم في محل السكوت، وأنها أفصح من التصريح بالحكم في محل السكوت، ولهذا فإنهم إذا قصدوا المبالغة في كون أحد الفرسين سابقاً للآخر، قالوا :( هذا لا يلحق غبار هذا الفرس ) وكان هذا ذلك عندهم أبلغ من قولهم :( هذا الفرس سابق لهذا الفرس ) (٣).
__________
(١) الواضح ٣/ ٢٥٨، وينظر : الإحكام للآمدي ٣/ ٦٧، شرح الكوكب المنير ٣/ ٤٨٣، البحر المحيط للزركشي ٥/ ١٤٧، الفصول في الأصول ١/ ٢٩٠، المحلى لابن حزم ١١/ ٢٦٥.
(٢) كما في حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن رسول الله - ﷺ - قال :" أربع لا يجزن : العوراء البين عورها.." الحديث أخرجه الترمذي في كتاب الأضاحي باب ما لا يجوز من الأضاحي (١٤٩٧) والنسائي في كتاب الضحايا باب ما نهى عنه من الأضاحي العوراء (٤٣٦٩) ٧/ ١٥٣، وقال أحمد ما أحسنه من حديث وصححه ابن حبان ١٣/ ٢٤٠ والحاكم ٤/ ٢٥١ وذكر له شواهد، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ٤/ ٧٣.
(٣) ينظر : الإحكام للآمدي ٣/ ٦٨.


الصفحة التالية
Icon