(أ) - قوله ﴿فَمَا آتانِ اللهُ ﴾ (١) ولم يقل﴿ فَمَا أتَاني اللهُ ﴾ لأنها محذوفة الياء من الكتاب، فمن كان ممن يستجيز الزيادة في كتاب الله من الياء والواو اللاتي يحذفن مثل قوله ﴿وَيَدْعُو الإِنسَانُ بِالشَّرِّ ﴾ (٢) فيثبت الواو وليست في المصحف، أو يقول المنادي للمناد جاز له أن يقول ﴿ أَتُمِدُونَنِ ﴾ بإثبات الياء، وجاز له أن يحركها إلى النصب كما قيل ﴿ومَالِيَ لا أَعبدُ﴾ فكذلك يجوز ﴿فما آتاني الله﴾ ولست أشتهي ذلك ولا أخذ به، اتباع المصحف إذا وجدتُ له وجهاً من كلام العرب، وقراءة القراء أحبُّ إليّ من خلافه، وقد كان أبو عمرو يقرأ ﴿إنْ هذَيْنِ لَساحِرانِ﴾ (٣)، ولست أجترئ على ذلك وقرأ ﴿فأصّدّقَ وأكون﴾ (٤) فزاد واواً في الكتاب، ولستُ أستحبُ ذلك " (٥).
٦ـ كما أنه قد يرد قراءة لكونها مخالفة للتفسير أو إجماع القراء، مثاله :" وقوله ﴿ ولاَ يَسْألُ حَمِيمٌ حمِيماً ﴾ (٦) لا يسأل ذو قرابة عن قرابته، ولكنهم يعرَّفونهم بالبناء المجهول ساعة، ثم لا تعارف بعد تلك الساعة، وقد قرأ بعضهم :﴿ ولاَ يُسئلُ حَمِيمٌ حميماً﴾ لا يقال لحميم : أين حميمك ؟ ولست أشتهي ذلك، لأنه مخالفة للتفسير، ولأن القراء مجتمعون على ﴿يَسْأل﴾" (٧).
١١ـ كما أن الإمام الفراء يبين كيفية قراءة على حسب السورة أو المخاطب، وهذا المثال من أوضح الواضحات على تمكن الإمام في علوم كثيرة، ومنها التفسير والقراءات، فرحمه الله رحمة واسعة، بيان ذلك قوله :

(١) سورة النمل : أية رقم ٣٦.
(٢) سورة الإسراء : أية رقم ١١.
(٣) سورة طه : أية رقم ٦٣.
(٤) سورة المنافقون : أية رقم ١٠
(٥) معاني القرآن، ( ج٣ / ١٨٤ ).
(٦) سورة المعارج : أية رقم ١٠.
(٧) معاني القرآن، ( ج٣ / ١٨٤ )


الصفحة التالية
Icon